2025-09-23 05:42:22
في عالم كرة القدم الحديث، تحوّلت أخبار انتقالات اللاعبين إلى نسخة متطورة من لعبة الورق الشهيرة “أشك”، حيث تتداخل الحقائق بالأكاذيب في مشهد معقد تخسر فيه الأطراف جميعها في النهاية. فكما في اللعبة الأصلية، تبدأ القصة بورقة حقيقية مكشوفة – خبر صحيح عن اهتمام نادٍ بلاعب ما – لتبدأ بعدها وسائل الإعلام برمي أوراق خادعة تزعم اكتمال الصفقة أو اقترابها.
المشكلة أن هذه اللعبة الإعلامية لم تعد مجرد تسلية جماهيرية، بل تحولت إلى آلية مؤثرة في صناعة القرارات داخل الأندية. فبينما يحاول الصحفيون الموثوقون الصراخ “أشك” لكشف الأكاذيب، تستمر المواقع الإلكترونية بنشر الأخبار الزائفة لأنها ببساطة تحقق التفاعل والمشاهدات المطلوبة، بغض النظر عن مصداقيتها.
الخطر الحقيقي يظهر عندما تتحول هذه الأخبار المزيفة إلى ضغوط جماهيرية تجبر الإدارات على اتخاذ قرارات غير مدروسة. فكما حدث مع انتقال فيليب كوتينهو إلى برشلونة، تتحول الرغبة الجماهيرية إلى واقع ملموس حتى لو كان المدرب الفني غير مقتنع بالصفقة. النتيجة؟ خسائر مالية فادحة وأداء متواضع للاعب الذي جاء بضغط الإعلام والجماهير.
ولا تقتصر الآثار السلبية على الأندية وحدها، بل تمتد إلى اللاعبين أنفسهم الذين يعانون من الضغوط النفسية الناتجة عن أخبار الانتقالات والتعليقات السلبية على وسائل التواصل الاجتماعي. الدراسات تؤكد أن هذا الإرهاق الذهني يؤثر سلباً على أداء اللاعبين داخل الملعب، مما يضعهم في حلقة مفرغة من التوقعات العالية والأداء المخيب للآمال.
في النهاية، يبدو أن لعبة “أشك” الإعلامية هذه ستستمر طالما يوجد جمهور يتفاعل معها ووسائل إعلام تستفيد منها. لكن الخاسر الأكبر يبقى الجمهور نفسه الذي ينتظر بفارغ الصبر تحقق الأحلام التي صنعتها الأخبار الكاذبة، والأندية التي تدفع ثمناً باهظاً لصفقات غير مدروسة، واللاعبون الذين يتحولون إلى ضحايا لآلة إعلامية لا ترحم.
